كنت نائمة احلم أحلام الحب والحياة، الحرية والأمان كنت غارقة في دنيا الأحلام لكنني استيقظت على صوت صراخ وبكاء فقفزت من سريري قفزة الباحث عن النجاة أسرعت في خطاي وأنا متوجهة نحو الصوت، كلما خطوت خطوة إلى الأمام ازداد الصوت حدة وزادت خطواتي تباعدا، وبعد مسافة قصيرة لا تبعد عن بيتي كثيرا لمحت طفلة صغيرة ذات ملامح بريئة، ملامح الطفولة لكن خلف هذه البراءة حزن تراءى لي وأنا اقترب منها ونظري مصوب على وجهها الذي تبدو عليه آثار الشمس، كان صراخها يعلو ويعلو وهي تنادي أمي.............أمي...................أبي ............أبي، تسمرت لحظة في مكاني، وضربات قلبي تتزايد بشدة، وعيناي تكاد تذرف دموعا لمجرد النظر إلى حالتها، بعد لحظات قليلة استوعبت الموقف واقتربت منها إلى أن جلست أمامها، كنت أتوقع أن تهدا وتكف عن البكاء، لكنها لم تلتفت إلي وكأنها في عالم آخر عالمها لوحدها، لكنني بدأت أسالها أين أمك أين أباك ولماذا تبكين، فتنظر إلي نظرة الم وحسرة ثم ترجع للبكاء والصراخ بحرقة واعدت عليها السؤال مرات ومرات بدون أن اظفر بجواب، فوضعت يدي عليها وأنا أحاول التخفيف من روعها فبدأت تهدأ قليلا. وقلت لها تعالي معي إلى منزلي تعالي، أخذتها من يدها الضعيفة وكانت باردة كالثلج، وتوجهنا لبيتي وحينما وصلنا أجلستها على الأريكة ومسحت دموعها واعدت عليها نفس السؤال، أين أمك أين أباك ولماذا تبكين، نظرت إلي نظرة الم وحسرة قبل أن تردف قائلة: أمي أمي قتلها اليهود الصهاينة عندما حاولت منعهم من اعتقال أبي، قتلوها كما قتلوا جميع عائلتي، وسكتت قليلا قبل أن ترجع وتقول وهي تكاد تختنق من البكاء هدا ما حكته لي جدتي فعمري آنذاك كان لا يتجاوز السنتين، وبعد دلك عشت مع جدتي وعمي. لكن قبل يومين رجع اليهود ليعكروا صفو حياتنا حيث اعتقلوا عمي وتسببوا في موت جدتي حزناوحسرة عليه، وهاأنذا لم يعد لي أحد لأعيش معه، سمعت هذا ولم أستطع بعد هذا منع تساقط دموعي التي تساقطت غصبا عني فقد أثر علي كلام منى كأنني لأول مرة أسمع مثل هذا، مع أننا عشنا ولازلنا نعيش وسط هذا الظلام، ظلم وتعذيب، ونهك للحرمات، وقتل للأرواح، لا فرق عند اليهود بين طفل رضيع، أو شيخ هرم، أو أي احد كل من يأتي أمامهم من المسلمين يحللون دمه، آه تم آه من هذا الألم الذي اعتصر قلبي ومنى تحكي لي عن ما حصل لعائلتها، طفلة في عمر الزهور لم يتجاوز عمرها ست سنوات، تحرم من حقها في العيش وسط أم وأب وعائلة، تحرم من العيش في حرية، تحرم لذة الحياة، وتحرم من عيش طفولتها البريئة، طفلة تكبر قبل أوانها، تكبر وتتحمل مسؤولية نفسها وهي ما زالت طفلة، أرادت أن تعيش مثل باقي الأطفال، تدرس وتلعب وأبواها يتوليان رعايتها، لا تحمل أي هم في الحياة لكنها وجدت نفسها تتحمل هما وعبئا فوق طاقتها، تتحمل عبئ الدفاع وحماية بلدها، تخرج وهي ممسكة بحجارة تقذف بها نحو العدو الذي يصوب مدافعه الرشاشة وقنابله نحوها غير مبالي لصغر سنها، وغير مبال أنها بدون سلاح، سلاحها الإيمان، سلاحها الثقة في أن النصر للمسلمين وأن الله يراها ويفخر بها وقد جهز لها ولكل شهيد على أرض بلده جنة عرضها السماوات والأرض، يا لفرحتنا ويا لسعادتنا عن طريق رصاصة من كافر، ينتقل الشهيد من دنيا فانية إلى جنة قطوفها دانية، وسيرى كل يهودي يحترق أمامه بنار ليست كالنار التي أطلقها عليه نار أشد ألما وحرارة. ربما يتساءل أحدهم عن مصدر القوة التي توهب للشهيد قبل أن يستشهد كيف لا يحس بالخوف. الجواب طبعا واضح، كيف يحس بالخوف وهو يرى جنته أمامه كيف يخاف وقلبه ينبض بالإيمان، طبعا لن يحس بأي نوع من الخوف، فقلبه قلب أسد وقوته تحطم الجبال، وعزيمته ستحطم اليهود، ويوما ما وبفضل الشهداء سترجع لنا بلدنا سترجع لنا فلسطين وستعود القدس لنا وسنصلي جميعا بالمسجد الأقصى، سيحصل هذا يوما فالنصر للمؤمنين دائما لكن الله دائما يريد أن يبتلينا ليختبرنا ويختبر قوة إيماننا، وليرى مدى حبنا لديننا ووطنا وحرماتنا ومقدساتنا، وليؤكد لكل يهودي وكل كافر أن النصر آت آت، والنصر للمؤمنين دائما وأبدا.
خاتمــــــــــة:بســــم اللـــه الرحمــن الرحيــم قد نكون لا نعيش في أرض فلسطين الحبيبة لكننا نعيش معهم بقلوبنا وأرواحنا وعقولنا نحس بالمهم نحس بهدفهم وقلوبنا دائما معهم ولا نملك لهم سوى الدعاء، الدعاء لهم بالحرية، والدعاء إلى الرحيم الكريم بأن يرزقنا الشهادة هناك بين إخواننا الفلسطينيين، فنحن المسلمين سنبقى دائما يدا واحدة وروحا واحدة، كالجسد إذا أصيب جزء منه تداعى سائره بالحمى، فنحن كالبنيان المرصوص يشد بعضنا بعضا.هذه قصة من نسج خيالي استوحيتها وأنا أفكر في بلدنا فلسطين لكنها تتكرر مرات ومرات في أرض الواقع، ويعيشها شعبنا الشقيق كل يوم بل كل لحظة.
للأمانة منقولة