كلمة قالها لي يوما فحق علي ان اردها له

كلمة قالها لي يوما فحق علي ان اردها له
بقلم عدنان حمارشه
إلى شيخ يحتل الان دولة كا...نت لا تغيب الشمس عن حدودها

دعاني احد الاخوه إلى حفلة عرسه كما دعا بعض الأصدقاء المشتركين

كنت مشغولا بشيء أخر في نفس الموعد فأجبرني الأصدقاء لتركه والذهاب معهم

ذهبنا وآنا اشعر بان هناك شيء ما ..يأتيني هذا الإحساس كلما قمت بعمل بعيد عن ما كل ما أردته بالفعل

جلسنا على طاوله بعيده عن الأضواء وكانت فرقة نشيد من مدينه اسمها أم الفحم ليست بعيده عن المكان الذي كنا فيه الفرقه اسمها أم النور والتي سطع مجدها فيما بعد واحتلت مركزا رفيعا على صهوة الانشوده الاسلاميه

نشيد رقيق..يماثل النسمات الهادئة

تأتي من البحر كان بها قطرات مائه ...باردة وهادئة

وبقينا حتى العاشرة مساءا

قلت لأصدقائي هيا بنا

قالوا فقط قليلا

احدهم همس في أذني: سنبقى...هناك مفاجئه

تعجبت..فما لحفلة العرس والمفاجئات

هذا كله كان قبل أكثر من عشرون عاما

في بداية التسعينات حيث كانت ألانتفاضه الأولى في سنين مجدها وعزها وغرورها

وقتها كان المبعدون في مرج الزهور..وكان ألاف الأسرى في صحراء النقب

والحكومة الاسرائيليه تتلوى أمام هذا الغضب الإلهي عليهم

كان الصوت يرتفع كلما مر الوقت والمنشدون في أجمل الوصلات

فجاه كنت في التفاته إلى المنشد الرئيسي حيث اقترب منه احدهم وهمس في أذنه ..وكان الفرح يغزل في عينيه شعاعا...قطع نشيده وقال...والآن نترككم مع من تحبون سماعه وافتقدتم رؤياه

ودوى تصفيق يصم الآذان

ومن خلف المنصة ظهر رجل يمشى الهوينى يطأطئ رأسه ويعلوا المنصة بهدوء

لم أرى في مثل هذا الموقف العرس والفرح والضجيج هذا الهدوء

حتى هذه اللحظة لم أتبين وجه الرجل

سلم على المنشدين وعلى مقدم الحفل بحرارة كأنهم بعض أهله

التفت كما يمشي ..بهدوء بان وجهه

لا ادري كيف اصف أول مره رأيت وجهه بها

كنت سمعت عنه القليل لكنى حتى هذه اللحظة لم أره

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..هكذا بدا حديثه

صفاء وجه...نقاء روح...كلامه لا بد وانه خرج من قلبه لأنه دخل إلى قلبي بل قلوب مئات الحاضرين...وعلامة ذلك دموع الحاضرين

مما فهمته انه كان في ارض الشيشان ففي ذلك الوقت كانت البوسنة والهرسك والشيشان تذوق ظلم الكفر ونسمع عنها فلا نجد إلا الدموع

إلا هذا الشيخ فما سمع أن أرضا تنوح على المعتصم إلا وهب واقفا يجمع ما يقدر من آهات وأنات أهل فلسطين وجمع ما استطاع من دواء وغادر مسرعا إلى ارض قد لا يعود منها أبدا

لا يدفعه في ذلك إلا أنهم مسلمون موحدون...ووصل هناك..وذاع صيته في الأرجاء وثمن موقفه الشجاع ملايين المسلمين..إلا بعض من تاقت نفوسهم إلى الذل والعبودية

كان ما زال صوته خفيضا لكن الهدوء يجعل لرنة صوته علو وعز

قلبي يدق كأنما لقيت حبيبه لم أراها يوما..نسيت أصحابي..تركت الطاولة تقدمت بسرعة وخفه إلى الأمام وصلت أمامه

جلست على كرسي لا اعرف لمن

سمت نفسي مع كلامه\شعرت بإيمانه يشد قلبي بحروفه التي صاحبتها الدموع على الأرامل والأيتام وعلى البوسنة الجريحه

إلا عندما تحدث عن الشهداء هناك علت وجهه ابتسامه تسر عاشقة ولهى وتروى قلب عانى

ابتسمت لابتسامته

واغرورقت عيناي بالدمع لكلامه

أول مرة أرى الدموع تنهمر من عيون الشباب ولا يخجلون منها فكأنما هي ختم لهذا العظيم : إن نحن أبناؤك افعل ما شئت فانا خائضون بحرا أنت خائضه

عشرون دقيقه تكلم فيها

لم ينبس احد ببنت شفه

كان الإعياء لا زال باديا على قسمات وجهه فهو كما عرفت قد نزل من السفر وجاء إلى هنا فورا

نزل عن المنصة بهدوء كما صعد

وسلم على الحاضرين

وسلمت عليه

لا زلت اذكر انه نظر إلى عيناي ( وقال ما شاء الله )

كلمات اسر بها واحدث بها العالم إني ظفرت بها من رجل إيمانه تعالى ليسمو فوق كل من اعرفه في هذا العالم

وذهب بين طيات الظلام مع بعض مرافقيه

جلست مسمرا لا ادري ماذا افعل

كلماته تتردد في إذني

وتلاحقت السنين

وتسمع باسمه السهول والبطاح..وتحمله ارض الأقصى وتختال به

ونعم الخيلاء عندما يكون هذا فوقها

وباع نفسه لله

والأقصى كان الدليل

وسير الملايين كل سنة إلى الأقصى

وقد حرم الاحتلال أهل الضفة من دخوله ليبقى خاويا

إلا أن الرجل أوصل ليله بنهاره وملا الدنيا رجالا من كل أراض إل 48 إلى الأقصى

كل يوم وكل ليله

وامتلأ الاقصى عبادا وعمارا

لم يترك فيه شبرا إلا وعمره

ولست هنا اسرد ما فعل بالتفصيل

إنما كتبت لأرعى كلمة قالها لي يوما فحق علي إن أردها له بأحسن منها

ولا أجد أحسن منها لكني أحاول

وفي إحدى أيام السجن والتحقيق التقيته عرضا في ساحة المحكمة الصهيونيه فنظر إلي وكنت في وقتها بحاجه إلى أي شيء

ولو كلمه ارفع بها ظهري الذي انكسر في التحقيق

فكانت إرادة الله

ابتسامة الرجل مرة أخرى

تأتي بعد عشرون عاما..كما جاءت البسمة الأولى في وقتها

ومع أن بعض البلهاء أصروا في الحقيق أن لي علاقة بهذا الرجل إلا انه للأسف لا تربطني بت سوى تلك الابتسامتان

ولو عرف هؤلاء ما كان اثر هاتين البسمتين لعرفوا أن ليس كل شيء يكون بالمال أو السلاح

فمن كان قلبه معلقا بالله كان فعله كله لله

هذا رجل باع نفسه لله

هذا رجل رفع يده بالسبابة اليمنى في وجه الأعداء

هذا رجل اشترى الجنة حين باعها الآخرون

هذا رجل نام في الزنزانة حين نام الآخرون على الحرير

هذا رجل جعل الأقصى بيته حين كانت القصور بيوتا للآخرين

هذا رجل سمى ابنته حماس حين تخلى الآخرون عن حماس

هذا رجل يتلهف تراب الاقصى على قدماه

هذا ..الشيخ رائد صلاح